الجمعة 1 أغسطس 2025 02:36 مـ 6 صفر 1447هـ
أراء

محمود العربي يكتب: كيف يمكن خفض الأسعار؟ وهل تنجح الحكومة في تحقيق ذلك قريبًا؟

الكاتب الصحفي محمود العربي
الكاتب الصحفي محمود العربي

تسعى الحكومة المصرية في الوقت الراهن لنقل أثر استقرار الاقتصاد الكلي إلى حياة المواطنين اليومية، وتحديدًا من خلال خفض الأسعار. وقد أعلن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة، عن خطة متكاملة سيتم مناقشتها مع اتحادات الغرف التجارية والصناعية خلال أيام، تستهدف خفض أسعار السلع والمنتجات الأساسية بشكل مستدام.

وأكد رئيس الوزراء أن تكاليف الإنتاج ومدخلات الصناعة قد شهدت استقرارًا وتراجعًا نسبيًا، ما يمهّد الطريق أمام القطاع الخاص للقيام بدوره في خفض الأسعار وتحريك الأسواق، خاصة في ظل حالة الركود وتراجع القوة الشرائية لدى قطاع كبير من المواطنين. وهو ما يُعد اعترافًا مهمًا يُحسب للحكومة، حيث أقرت بأن المواطن لم يشعر بعدُ بالتحسن الاقتصادي، رغم التحولات الإيجابية على مستوى مؤشرات الاقتصاد.

ولكن… كيف نخفض الأسعار فعليًا؟

خفض الأسعار ليس قرارًا إداريًا يُفرض، بل هو نتيجة لبيئة اقتصادية داعمة للإنتاج المحلي والتجارة العادلة. ولذلك، هناك عدة خطوات ومحاور يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف، منها ما يلي:

1. توفير مستلزمات الإنتاج بأسعار معقولة، وتقليص الرسوم الجمركية والضرائب المفروضة على المواد الخام والمعدات.

2. خلق مناخ جاذب للاستثمار الصناعي، من خلال تسهيل إجراءات التراخيص الصناعية، وإتاحة الأراضي بأسعار مناسبة، وتقديم قروض ميسرة للمصنعين والمنتجين.

3. دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها قاطرة التنمية، مع منحها الأولوية في التمويل والتدريب ومنحها فترات سماح في السداد، خصوصًا المتعثرة منها.

4. منح فترات سماح للمصانع المتأثرة والمديونة للبنوك، بدلًا من الحجز على أصولها وتوقف الإنتاج، وهو ما يؤدي في النهاية إلى ندرة السلع وارتفاع أسعارها.

5. وقف التعامل بالدولار داخل السوق المحلي في الأنشطة التي لا تستدعي ذلك، مثل بعض المدارس الدولية أو الرسوم العقارية أو الجمارك الخاصة بالشركات المحلية، وهو أمر يُثقل كاهل المواطن ويزيد الضغط على سوق العملة.

6. زيادة الإنتاج المحلي بشكل عام، لأن وفرة السلع تؤدي بطبيعة الحال إلى خفض أسعارها.

لقاء الحكومة مع الغرف التجارية والصناعية.. بداية الحل

الاجتماع المرتقب بين الحكومة وممثلي القطاعات الصناعية والتجارية، يمثل خطوة مهمة نحو التوافق على آليات خفض الأسعار من المنبع، وليس فقط عبر حملات رقابية على الأسواق. فعندما يحصل المصنع على مدخلات إنتاج بأسعار أقل، وتُمنح له تسهيلات مالية حقيقية، يستطيع تخفيض تكلفته، وهو ما ينعكس مباشرة على التاجر، ثم على المستهلك النهائي.

لا يمكن تحميل التاجر فقط مسؤولية ارتفاع الأسعار، كما لا يمكن تبرئة البعض من جشع واضح. لكن المعالجة الفعالة تبدأ من المصدر، لا من النهاية.

المواطن.. الحلقة الأضعف في ميزان الأسعار

في ظل الرواتب الحالية، لا تزال الأسرة المصرية تعاني يوميًا في سبيل تأمين احتياجاتها الأساسية. فمثلًا، أسرة مكونة من 5 أفراد تستهلك في وجبة الإفطار فقط ما يتجاوز 100 جنيه يوميًا إذا لم تحصل على دعم تمويني. هذا يعني أكثر من 3000 جنيه شهريًا للإفطار فقط، بخلاف الغذاء والعشاء والسكن والخدمات. وإذا أضفنا تكلفة التعليم والمواصلات والمصروفات غير المتوقعة، نجد أن الحد الأدنى الحقيقي لتغطية احتياجات أسرة متوسطة يتجاوز 12 ألف جنيه شهريًا، وهو ما يجعل أي حديث عن تحسن اقتصادي بدون انعكاس على الأسعار أمرًا يصعب قبوله لدى الشارع.

في الختام

إذا أرادت الحكومة أن تنجح في خفض الأسعار، فالمفتاح هو الإنتاج. وتسهيل سبل الإنتاج يبدأ من البنية التحتية والتشريعات حتى المعاملة المصرفية العادلة. خفض الأسعار لا يتم بالمناشدات، بل بالقرارات الحاسمة التي تخفف الضغط عن المصنع والمزارع والتاجر، وتضع المواطن في قلب المعادلة.

متى تنجح الحكومة في ذلك؟

النجاح قادم، فقط إذا تم التنفيذ بجرأة وبعقل اقتصادي واقعي.

التعمير