الخميس 2 أكتوبر 2025 11:04 مـ 9 ربيع آخر 1447هـ
أراء

ناجح النجار يكتب: خطة ترامب.. هل تُنهي الحرب في غزة أم عودة للاستعمار؟

الحدث 60

بعدما بددت مصر خطة ترامب بنقل سكان غزة وتهجيرهم خارج القطاع، لتنفيذ ما أسماه مشروعات تجارية واستثمارية بالقطاع، وعدم السماح بسيطرة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو المقترح الذي رفضته الدول العربية، وتصدت له مصر بقوة؛ بل وحذرت من تداعياته على المنطقة بأثرها، يذهب ترامب لتنفيذ الخطة لكن بشكل مختلف هذه المرة مع استخدام سياسة النفس الطويل.

وبذلك يكون حكم قطاع غزة بعد وقف العدوان الصهيوني وقادة الاحتلال الدمويين، تحت إشراف هيئة انتقالية دولية جديدة، وهي "مجلس السلام"، والتي سيرأسها دونالد ترامب نفسه، مع أعضاء آخرين، ما يعني أنه سيكون الحاكم الفعلي للقطاع وليس الفلسطينيين.

ترامب في البداية كان يلوّح بأنه مشروع عقاري يسعى من خلاله لتحويل القطاع لريفيرا الشرق الأوسط، إلا أنه في الحقيقة له أسباب اقتصادية خفيّة تسعى واشنطن إليه منذ فترة، وهو تنفيذ - الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط - لمواجهة طريق الصين "الحزام والطريق".

نتنياهو وترامب حليفان في تنفيذ مشروع الممر الاقتصادي، لكنه مشروع لا يكتمل إلا بالمرور من شمال غزة، فيما يعد ميناء حيفا مركز الانطلاق منه، وهذا يفسر أسباب محاولات إسرائيل خلال عدوانها على غزة تنفيذ ما اسمته "خطة الجنرالات" ومحاولة القتل المسعورة ضد المدنيين، أطفالًا ونساءً وشيوخًا لتفريغ القطاع.

المشروع ليس وليد اللحظة؛ بل تخطط له الولايات المتحدة الأمريكية بمساعدة غربية وتحاول تنفيذه منذ عدة سنوات لمواجهة المدّ الاقتصادي لبكين في منطقة الشرق الأوسط، وضرب طريق الحرير الصيني، لتظل واشنطن هي القوى الاقتصادية الوحيدة المهيمنة على العالم، ومع عودة ترامب لسدة الحكم مرة أخرى، وفي ظل الحرب التجارية التي اشتعل وطيسها خلال الفترة الماضية ولا تزال، بدأت الإدارة الأمريكية اتباع استراتيجية أخرى توجه من خلالها ضربة لمبادرة "الحزام والطريق" عبر خطة ترامب للسلام في غزة.

جاءت خطة ترامب بدلا من تحرير غزة وإعمار ما دمره الاحتلال في القطاع وتولي السلطة الفلسطينية، ذهب يرمي إلى إلقاء السلاح وإسكات صوت المقاومة، وإجبارهم على تسليم الكارت الأخير المتبقي لديهم، مقابل وعد بالانسحاب، إذ بات واضحًا من النيّة الخبيثة أنه بدلا من الاحتلال سوف يكون هناك احتلالان، أحدهما أمريكي على قمّة السلطة في قطاع غزة، وآخر عبري على الأرض يوجه مدافعه إلى صدور الأهالي لإسكات أصواتهم، مما يوحي أنه احتلال بشكل علني.

لقد جاء اليوم الذي نرى فيه إثنان من المختلين يجلسان ليقررا أحوال العالم، وشأن قطاع غزة الذي دمره الاحتلال، عبر منع أي حكم فلسطيني لأرضه، واستقدام حقراء العالم لقيادته، مثل ترامب وشريك واشنطن في تدمير العراق، توني بلير، ليقولان على الهواء أنهما سيوقعان وثائق تدعم تلك الخطة، ولا شأن لأي عربي أو من أهالينا في فلسطين حتى بالوجود الرمزي.

نتنياهو من جهته، تحدث بحفاوة عن خطة ترامب الشريك الأول في تدمير القطاع وقتل الأبرياء، ولما لا وهو الذي قال إنه يدعم خطة ترامب، على أن تكون لغزة إدارة مدنية سلمية لا تديرها حماس ولا حتى السلطة الفلسطينية، وقد أكد نتنياهو أنه يُقدّر موقف ترامب الثابت بأن السلطة الفلسطينية لا يمكن أن يكون لها أي دور في غزة؛ دون إجراء تحول جذري وحقيقي.

إليكم البنود الكاملة لخطة ترامب في غزة:

- ستُحكم غزة بموجب حكم انتقالي مؤقت للجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية، مسؤولة عن تقديم الخدمات العامة والبلديات اليومية لسكان غزة، وستتكون هذه اللجنة من فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين، تحت إشراف وإشراف هيئة انتقالية دولية جديدة، وهي "مجلس السلام"، والتي سيرأسها دونالد ترامب، مع أعضاء آخرين ورؤساء دول سيتم الإعلان عنهم، بمن فيهم رئيس الوزراء السابق توني بلير، وستضع هذه الهيئة الإطار وتتولى تمويل إعادة تطوير غزة حتى تُكمل السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي.

- ستكون غزة منطقة خالية من التطرف والإرهاب، لا تُشكل تهديدًا لجيرانها.

- سيتم إعادة تطوير غزة لصالح سكان غزة الذين عانوا ما يكفي.

- إذا وافق الطرفان على هذا المقترح، ستنتهي الحرب فورًا، ستنسحب القوات الإسرائيلية إلى الخط المتفق عليه استعدادًا لإطلاق سراح الرهائن. - خلال هذه الفترة، سيتم تعليق جميع العمليات العسكرية، بما في ذلك القصف الجوي والمدفعي، وستبقى خطوط القتال مجمدة حتى تتحقق شروط الانسحاب الكامل على مراحل.

- في غضون 72 ساعة من قبول إسرائيل العلني لهذه الاتفاقية، سيتم إعادة جميع الرهائن، أحياءً وأمواتًا.

- بمجرد إطلاق سراح جميع الرهائن، ستفرج إسرائيل عن 250 محكومًا عليهم بالسجن المؤبد، بالإضافة إلى 1700 من سكان غزة الذين اعتُقلوا بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بمن فيهم جميع النساء والأطفال المعتقلين في ذلك السياق، ومقابل كل رهينة إسرائيلي تُفرج عنه، ستفرج إسرائيل عن رفات 15 غزيًا متوفى.

- بمجرد إعادة جميع الرهائن، سيتم العفو عن عناصر حماس الذين يلتزمون بالتعايش السلمي ونزع سلاحهم. وسيتم توفير ممر آمن لعناصر"حماس" الراغبين في مغادرة غزة إلى الدول المستقبلة.

- بمجرد قبول هذا الاتفاق، سيتم إرسال المساعدات الكاملة فورًا إلى قطاع غزة، وستكون كميات المساعدات، كحد أدنى، متوافقة مع ما ورد في اتفاقية 19 يناير/كانون الثاني 2025 بشأن المساعدات الإنسانية، بما في ذلك إعادة تأهيل البنية التحتية (المياه والكهرباء والصرف الصحي)، وإعادة تأهيل المستشفيات والمخابز، وإدخال المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض وفتح الطرق.

- سيستمر دخول التوزيع والمساعدات إلى قطاع غزة دون تدخل من الطرفين من خلال الأمم المتحدة ووكالاتها، والهلال الأحمر، بالإضافة إلى المؤسسات الدولية الأخرى غير المرتبطة بأي شكل من الأشكال بأي من الطرفين، وسيخضع فتح معبر رفح في كلا الاتجاهين لنفس الآلية المطبقة بموجب اتفاقية 19 يناير 2025.

- سيتم وضع خطة ترامب للتنمية الاقتصادية لإعادة بناء غزة وتنشيطها من خلال عقد اجتماع للجنة من الخبراء الذين ساعدوا في ولادة بعض المدن المعجزة الحديثة المزدهرة في الشرق الأوسط، وصاغت مجموعات دولية حسنة النية العديد من مقترحات الاستثمار المدروسة وأفكار التنمية المثيرة، وسيتم النظر فيها لتشكيل أطرعمل للأمن وحوكمة فعالة لجذب وتسهيل هذه الاستثمارات التي ستخلق فرص عملٍ وفرصا جديدة وأملًا لمستقبل غزة.

- ستنشأ منطقة اقتصادية خاصة بتعرفة جمركية وأسعار دخولٍ تفضيلية يتم التفاوض عليها مع الدول المشاركة.

- لن يُجبر أحد على مغادرة غزة، وسيكون من يرغب في المغادرة حرا في ذلك وحرية العودة، سنشجع الناس على البقاء ونمنحهم فرصة بناء غزة أفضل.

- توافق "حماس" والفصائل الأخرى على عدم الاضطلاع بأي دورٍ في حكم غزة، سواءً بشكل مباشرٍ أو غير مباشرٍ أو بأي شكلٍ من الأشكال، وسيتم تدمير جميع البنى التحتية العسكرية والإرهابية والهجومية، بما في ذلك الأنفاق ومنشآت إنتاج الأسلحة، ولن يُعاد بناؤها، وستكون هناك عملية لنزع السلاح من غزة تحت إشراف مراقبين مستقلين، والتي ستشمل وضع الأسلحة بشكلٍ دائمٍ خارج نطاق الاستخدام من خلال عمليةٍ متفقٍ عليها لتفكيكها، وبدعمٍ من برنامجٍ لإعادة الشراء وإعادة الإدماج بتمويلٍ دولي، ويتم التحقق منه جميعًا من قِبل المراقبين المستقلين، وستلتزم غزة الجديدة التزامًا كاملًا ببناء اقتصادٍ مزدهرٍ والتعايش السلمي مع جيرانها.

- سيقدم الشركاء الإقليميون ضمانًا لضمان امتثال حماس والفصائل لالتزاماتها، وعدم تشكيل غزة الجديدة أي تهديد لجيرانها أو شعبها.

- ستعمل الولايات المتحدة مع الشركاء العرب والدوليين على إنشاء قوة استقرار دولية مؤقتة (ISF) للانتشار الفوري في غزة، وستقوم هذه القوة بتدريب ودعم قوات الشرطة الفلسطينية في غزة، وستتشاور مع الأردن ومصر اللتين تتمتعان بخبرة واسعة في هذا المجال، وستكون هذه القوة الحل الأمني الداخلي طويل الأمد.

- ستعمل قوة الاستقرار الدولية مع إسرائيل ومصر للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية، إلى جانب قوات الشرطة الفلسطينية المدربة حديثًا، ومن الضروري منع دخول الذخائر إلى غزة وتسهيل التدفق السريع والآمن للبضائع لإعادة بناء غزة وإنعاشها. سيتم الاتفاق على آلية لفض النزاع بين الطرفين.

- إسرائيل لن تحتل غزة أو تضمها مع ترسيخ قوات الأمن الإسرائيلية سيطرتها واستقرارها، ستنسحب القوات الإسرائيلية وفقًا لمعايير ومعالم وجداول زمنية مرتبطة بنزع السلاح، يُتفق عليها بين الجيش الإسرائيلي والجهات الضامنة والولايات المتحدة، بهدف ضمان أمن غزة وعدم تهديدها لإسرائيل أو مصر أو مواطنيها، وعمليًا، سيُسلم الجيش الإسرائيلي تدريجيًا أراضي غزة التي يحتلها لقوات الأمن الإسرائيلية وفقًا لاتفاقية يُبرمها مع السلطة الانتقالية حتى يتم انسحابه الكامل من غزة، باستثناء وجود محيط أمني سيبقى حتى يتم تأمين غزة بشكل كامل من أي تهديد إرهابي متجدد.

- في حال تأجيل "حماس" أو رفضها لهذا المقترح، فإن ما سبق، بما في ذلك توسيع نطاق عملية المساعدات، سيُنفذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي سُلّمت من الجيش الإسرائيلي إلى قوات الأمن الدولية.

- سيتم إطلاق عملية حوار بين الأديان، قائمة على قيم التسامح والتعايش السلمي، سعياً لتغيير عقليات وتصورات الفلسطينيين والإسرائيليين، من خلال التأكيد على منافع السلام.

- مع تقدم إعادة إعمار غزة، ومع تطبيق برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بأمانة، قد تتهيأ الظروف أخيراً لمسار موثوق نحو تقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة، وهو ما ندرك أنه طموح الشعب الفلسطيني.

- ستُطلق الولايات المتحدة حواراً بين إسرائيل والفلسطينيين للاتفاق على أفق سياسي لتعايش سلمي ومزدهر.

الخلاصة.. نحن أمام بلطجة واحتلال صهيوني أمريكي علني، لا يقاوم إلا بالردع والقوة، وبالتالي على الدول العربية التي تشتري الحماية الأمريكية بمليارات الدولارات أن تنصاع للمقترح المصري الذي أدلى به الرئيس السيسي منذ ثماني سنوات، بإنشاء قوة عربية مشتركة بقيادة مصر، على غرار الاتحاد الأوروبي الذي كون اتحادا قوياً وهو لا يتحدث نفس اللغة مثل العالم العربي، حيث هى الضمانة الحقيقية بعد ربنا لتكون حائلا أمام هذه المخططات التي لا تريد الوقوف حتى عند حدود فلسطين في حال لا قدر الله تم تنفيذ مخطط التهجير.

*ناجح مصطفى النجار*

*كاتب صحفي وباحث في العلاقات الدولية*

التعمير