أراء

أبو ضيف مصطفى يكتب: تجربة الثانوية الإنجليزية

أبو ضيف مصطفى
أبو ضيف مصطفى

الثانوية الإنجليزية نظام تعليمي من أقوى النظم التعليمية في العالم ، ويتيح هذا النظام التعليمي للطالب إختيار العلوم التى يجيدها لدراستها على مدار ثلاث سنوات كاملة تضم كل سنة دراسية عدد إثنين تيرم ، ويتصف هذا النظام التعليمي بالمرونة الشديدة وتظهر هذه المرونة فى عدة مظاهر أهمها تحرير الطالب من قيود المواد الدراسية المفروضة عليه جبرا واختيار الدارس لعدد ثمانية مواد مستوى عادى ، ومادتان للتخصص مستوى رفيع.

ولمزيد من الإيضاح نذكر أن نظام الثانوية الإنجليزية يضم عدد هائل من المواد العلمية أبرزها الكيمياء ، والفيزياء ، والاحياء ، والاحياء البشرية ، والرياضيات ، واللغة الإنجليزية ، واللغة الفرنسية ، واللغة العربية، واللغة التركية وغيرها من اللغات ، وعلوم الكمبيوتر ، والفنون ، والبيئة ، وعلوم الإدارة ، والاقتصاد ، والمحاسبة وغيرها من العلوم ، ويؤدى الطالب الامتحانات فى بعض المواد على ثلاث ورقات بحيث إذا أخفق فى ورقة امتحانية فيكون لديه الفرصة فى الورقتين الباقيتين وتحسب درجات الطلاب بأدائه فى الثلاث ورقات مقارنة بأداء زملاءه وهو ما يعرف بنظام المنحنى أو ال curve.

وتتجلى حرية الاختيار عند الطالب عندما تتاح له اكثر من فرصة فى دخول امتحانات المادة الواحدة أو تغيير المواد العلمية على مدار سنوات الدراسة الثلاثة وذلك بمقابل مادى معلوم للجميع ، وقد يجتاز الطالب المتميز شهادة إتمام الدراسة الثانوية خلال مدة سنتين وهذا يعد حافزاً للطلاب للتميز والتفوق.

والسؤال الملح هنا.. لماذا لا نأخذ بهذا النظام التعليمي الراقى جدا بمنظور مصرى خالص وبالتنسيق مع جامعة كامبريدج العريقة ؟ أعتقد أن العلاقات المصرية الإنجليزية الممتازة كفيلة بنجاح هذا النظام ، فمعظم العلوم فى الثانوية الإنجليزية موجودة لدينا فى النظام المصرى وتحتاج إلى اللمسة الأخيرة ، وهذا النظام يعيد الطالب إلى مدرسته ويعيد الكتاب المدرسى إلى الزمن الجميل بدلا من الدراسة عبر البوابات الإلكترونية أو الإمتحانات عبر التابلت وما صاحب ذلك من جدل خاصة بين أولياء الأمور والطلاب الذين تاهوا بين القرارات التى تتغير بين الحين والآخر.

لن اقول أن نظام الثانوية الإنجليزية سيقضي على آفة الدروس الخصوصية بل النظام قائم أساسا على عدة محاور للتعلم أبرزها المدرسة والمدرس والكتاب وحل العديد من امتحانات السنوات السابقة مع إبراز حلول الإمتحانات وعدم اعتبارها سر لا يجوز الإطلاع عليه ، ففى بعض الأحيان يعرف الطالب المعلومة من خلال الإجابة النموذجية للسؤال عبر نموذج الإجابة المعد بواسطة لجنة واضعى الامتحان .

إن طالب الثانوية الإنجليزية يدرس على مدار الثلاث سنوات مواد علمية تدرس فى كليات الطب والعلوم والهندسة والتجارة والطب البيطري .. وغيرها وذلك حسب المواد العلمية التى اختارها أثناء المرحلة الثانوية مما يجعله مؤهلا بدرجة كبيرة للغاية عند التحاقه بالجامعة وتميزه بدرجة كبيرة عن طالب الثانوية العامة المصرية فلماذا ذلك ونحن على أعتاب الجمهورية الجديدة ؟

اذا كانت الثانوية الإنجليزية والثانوية المصرية تعتمد بالأساس الأول على الدروس الخصوصية فلماذا لا نقنن وضع السناتر التعليمية ؟ تلك المنشآت التعليمية التى تعمل عبر إقتصاد غير رسمى ، وتقنينها بصورة مبسطة يحقق المصلحة للجميع سواء للطالب أو المدرس أو الدولة او غيرهم ، والتوسع فى إنشاء المدارس التى تطبق منظومة الثانوية الإنجليزية ، وكلمة حق فإن المعاهد القومية ومدارسها المنتشرة بالتحديد فى محافظتى القاهرة والإسكندرية مؤهلة لتطبيق المنظومة بكل أبعادها ، وبالتطبيق على محافظة الإسكندرية يتلاحظ أن أبرز المدارس المطبقة للمنظومة بنجاح كلية فيكتوريا كوليدج تلك المنظومة التعليمية العريقة التى تخرج منها عظماء ومازالت تؤدى دورها التنويرى بفاعلية وكفاءة تحسد عليها وتضم فى هيكلها البشرى كوكبة من اكفء المدرسين والمدرسات وإدارة منضبطة إلى أبعد الحدود فضلا عن انخفاض تكاليف الدراسة وقربها من تكاليف الثانوية العامة لغات .
همسة فى أذن التعليم العالي لماذا تضعون نسبة ضئيلة لالتحاق طلاب الشهادات المعادلة ومنهم الثانوية الإنجليزية بالجامعات المصرية الحكومية ؟ ولماذا تضعوا مجاميع كبيرة لالتحاقهم بما يسمى بكليات القمة ؟
إن هؤلاء الطلاب تلقوا تعليم جيد ، وربما تفوق بعضهم على أقرانهم على مستوى العالم ، وهم شباب مؤهلين تماما للمرحلة الجامعية ، وبعضهم مؤهل للإنضمام فوراً إلى سوق العمل بحصوله على هذه الشهادة العلمية المرموقة كما تفعل معهم إنجلترا.

لن تنهض مصر سوى بالتعليم الجيد القائم على التعلم لعلوم تم وضعها بدقة متناهية النظير خاصة فى مجالات العلوم والرياضيات والحاسب الآلي وتكنولوجيا الاتصالات وإدارة الأعمال والإقتصاد والمحاسبة .. فهل آن الأوان لدراسة تجربة الثانوية الإنجليزية وتطبيقها بمنظور مصرى خالص ؟ فقد شهدت إنجلترا بنفسها بعبقرية الطالب المصرى وتميزه بالنسبة لاقرانه سواء على مستوى منطقة الشرق الأوسط أو على مستوى باقى أماكن العالم التى يعقد بها امتحانات هذه الشهادة العريقة.

التعمير
أبو ضيف مصطفى الثانوية الإنجليزية التعليم