عقار مصر

أسباب التدهور الاقتصادي.. وسياسات البنك المركزي لقيادة ثورة التصحيح

البنك المركزي
البنك المركزي

البنك المركزي المصري ينتهج سياسات نقدية ومالية تختلف عن السابق، وهو الأمر الذي يدفع البعض لانتقادها بين الحين والآخر.

ولم تسلم سياسات أسعار الصرف والفائدة والبورصة و ميزانيات البنوك ومراكزها النقدية من كل هذا النقد، رغم أن الموضوعات كبيرة ومتشعبة ومتداخلة ويتم تناولها منفرطة ومتفرقة في حين أن جميعها مرتبطة و متأثرة ببعضها البعض.

السياسات الاقتصادية الكلية، كانت قد أسست عبر عشرات السنوات بناء على توجهات متطابقة مع أفكار خبراء اقتصاد، نجد اليوم بعضهم غير راض عن النتائج، بل نصبوا من أنفسهم نقاد للنتائج التي هم أساسا أسسوا لها على مدى عقود وعلى الخصوص عقد ما قبل ٢٠١١ عندما كانوا هم الداعون لبيع أصول الدولة وتحويلها كلها لأسهم وتوزيعها على المواطنين حتى ​يلتهمها الأوليجاركيين مثل ما حدث في الاتحاد السوفييتي المنحل.

ولذكر البعض من هذه التصرفات، بيع شركات الدولة للقطاع الخاص وفي بعض الأحيان تمويل هذا البيع من البنوك المصرية، يعني بيع الشركة بلا مقابل وهذا ما أوقفه البنك المركزي بقراراته في عام ٢٠٠٥.

ولم يكن البنك المركزي أبدا محبوبا ومقبولا من هؤلاء فلقد كانت الرغبة الشديدة في الحصول على كل شيء بدون قواعد هو دافعهم وكان يساندهم حكومة تتبني عن إدراك أو عدم إدراك فكرة كل شيء مباح للقطاع الخاص او لهؤلاء الأوليجاركيين على زعم أن هذا هو الانفتاح والتقدم وحرية الأسواق والاقتصاد وأنهم هم العاملون ببواطن الأمور وأن البيروقراطية الحكومية المصرية الجاهلة لا تتحدث حتى الإنجليزية وبعيدة عما يحدث في العالم من تقدم.

وانتعشت بورصتهم عن طريق بيع الشركات الحكومية وصالوا وجالوا في البورصة والعمل الرأسمالي وكونوا الثروات.

وكان من أساسيات السياسات التي انتهجت سياسة التجارة الخارجية الحرة بزعم أيضا أن هذه هي التوجهات الرأسمالية المنشودة فإن إبرام اتفاقيات التجارة الحرة لتنفتح أسواقنا المصرية على مصراعيها أمام البضائع الأجنبية الشديدة المنافسة فتهاوت الصناعة المصرية الضعيفة والزراعة أيضا أمام هذا الطوفان من الواردات وبدأ المواطن المصري يتحول إلى النمط الاستهلاكي من اجل هذه السلع الجاذبة وتعود المواطن على نمط من الاستهلاك لم نعرفه في تاريخنا حتى دخل الريف المصري سوق الاستهلاك لكل شيء
​وبدأ استنزاف موارد مصر المحدودة من النقد الأجنبي أو الموارد الانتهازية الوقتية التي جاءت نتيجة خصخصة بعض الشركات العامة.

وبسياسات مالية غير مدركة مصاحبة لسياسات خطيرة في التجارة الخارجية وفي ضوء أعمال الصناعة الحقيقية التي تقوم علي القيمة المضافة للاقتصاد المصري وليس الصناعة التي قامت على استيراد عوامل الإنتاج من الخارج انهارت الصناعة والزراعة حتى وصل الوضع أن مصر أصبحت تستورد احتياجاتها الضخمة من الغذاء من الخارج والذي من المتوقع أن تصل فاتورته هذا العام إلى ١٥ مليار دولار.

وهذا الضعف الاقتصادي الذي تحول إلى اعتماد تام على الخارج أصبح مهددا للاستقرار لأن العوامل التي تمس معيشة المواطن كلها أصبحت خارج السيطرة وفي سيطرة الأسواق الدولية.

وبعد ان اصبح المجتمع متعودا على هذه السلع وهذا النمط من الاستهلاك اصبح من اللازم من الدولة توفير احتياجاته وأصبحت مستويات الأسعار والتضخم في سيطرة المنتجين في الخارج.

وعلى مدى سنوات ونمو المجتمع وعدد السكان بدا العجز في ميزان التجارة الخارجية لمصر في التفاقم ، وهذا العجز مطلوب له تمويل نقد أجنبي وبالتالي زادت الالتزامات المالية والضغوط على مستويات الاسعار.

هذه روشتة هؤلاء أصحاب المنهج الغربي الذي كان دائما يبحث عن السبل للسيطرة على مقدرات اقتصادنا عن طريق سلعه والدفع بمجتمع الرفاهية ولكن الأوليجاركيين لم يكونوا يعبأون بالمواطن وقدرته، حيث بدأ المواطن في الاستدانة لتوفير الاحتياجات وأصبحت القروض الخاصة أساسية في حياته اليوم.

وعندما يقوم البنك المركزي بزيادة أسعار الفائدة لتعويض المواطن عن التضخم يثور هؤلاء لأن مصر لديها
​أعلى أسعار عائد في العالم وهذا يؤثر على البورصة المصرية ولكن ماذا عن 20 مليون مواطن يعيشون على العوائد لمدخراتهم فهذا غير مهم!

وفي حين أن الأسر المتوسطة والبسيطة من ثقافتها الادخار فلقد كبرت مدخراتهم الوطنية في حين أن هؤلاء الأوليجاركيين يحتفظون بمعظم مدخراتهم خارج البلاد.

و استعجب من اهتمامه الكبير بالبورصة و هي الفكرة ولغرض منها ان تكون مصدر لتوفير رؤوس الاموال للمشروعات، وهذا لم يحدث تقريبا وأصبحت هي فقط بورصة للمضاربات والاتفاقات غير العلنية التي تحقق خسائر للمجتمع وعندما يتدخل الرقيب لضبط قواعد التعامل يتكالب عليه أصحاب المصالح بالضغوط والإعلام أو الوسائل الأخرى و لا يوجد في العالم
مؤسسات رقابية تنتقد من الشركات والمستثمرين المراقب عليهم.

وطبعا هؤلاء مرضي عنهم في اوساط صانعي السياسات في الولايات المتحدة ويتم دعمهم ولما لا.

ثم الآن يتحدثون عن النقد الأجنبي ويدلون بدلوهم في السياسات العامة وهم حقيقة لم يدربوا التدريب العملي الكاف على هذه الأمور الفنية الغاية في التعقيد
فمثلا قرار أسعار القائدة وحين نراهم يتكلمون عنه بكل بساطة أنه يتم بناء على تحليلات وبرامج معقدة جدا و هو أمر خطير.


و حاليا تحاول الدولة تدارك هذه النتائج لتوجهات سياسات يتم تصحيحها تدريجيا الآن وهذا واضح في توجهات الدولة في الاهتمام بقطاع الزراعة الذي تم إهماله عشرات السنين حتى تحولت ١،٥ مليون فدان إلى
حدائق فاكهة في حين نستورد المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والذرة وزيت الطعام والأسماك واللحوم و القول بعشرات المليارات من الخارج .

و بدأت صناعات تقودها الدولة وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية من أجل التصدير وتصدر لـ40 دولة و هذه مشروعات تراها الشركات الدولية أنها تدار بكفاءة كبيرة وانضباط وخبرة مهندسين في الجهاز وخبراء علوم وكيمياء في مشروعات كيماوية وبتروكيماوية.

حقيقة وانا اعمل في مجال المال و الاسواق دوليا و داخليا منذ اكثر من اربعون عاما و كنت مسؤلا عن اعمال بنوك كبري في عدد من الدول في المنطقة و أوروبا ، اري اننا بعد ان قررنا ان

القطاع المملوك للدولة غير ناجح وتم إهماله، لذا فتح للقطاع الخاص الأسواق على مصراعيها لسياسات خلقت فرص عمل لشعوب الدول الأخرر على حساب مواطنينا بفتح أبواب الاستيراد بدون ضوابط وتدهورت الصناعة المصرية المجدية، لم تنجح تجربة القطاع الخاص في تحقيق التوازن الاقتصادي والنقدي وبالتالي فقدنا هذا وذاك ، ومنذ سنوات تعمل الدولة في سياسات تصحيحية تجد المقاومة من ذوي المصلحة الخاصة، و لكن الدولة لا تعمل لمصالح فئة ولكن لمصلحة الجزء الغالب من المجتمع المصري.

التعمير
البنك المركزي الاقتصاد المصري البنوك البورصة